القرنة السوداء قمة الشهداء

أو قمّة الشهداء كما تلفظ بلغتنا السريانيّة «قرنو دْسوهدو». لذلك، تمّ تعريب الكلمة بما بات يعرف اليوم. فما حدث في بشري واستشهاد مَن استشهد من شبابها، هو أبعد بكثير من خلاف على مصادر مياه بين مزارعين من قضائي بشري الماروني الهوية الكيانية، والضنيّة السنيّ الهوية الكيانية. هذا خلاف قديم جدًّا، ولكن المجلس البلدي لبلدة بشري قد استحصل في العام ١٩٩٩ على قرار من وزارة البيئة بجعل هذه القمم محمية طبيعيّة. وهذا ما ينهي قضية الصراع العقاري بين القضائين المذكورَين، ويثبّت بشرّانيّة قمّة الشهداء. لكن وجود قوّة مسلّحة باتت أمرًا واقعًا، تحت مسمّى سرايا المقاومة في الضنيّة، وافدةً من خارج النسيج الكِياني الضّنّاويّ هو الذي أشعل هذا الصراع من جديد. هذا في الأسباب. أمّا في الأهداف، فهل تعلم عزيزي القارئ ما معنى أن تسيطر مثلاً منظّمة مسلّحة على أعلى قمّة في حوض المتوسّط، وهذه المنطمة تملك قدرات استخباراتية إلكترونية لاسلكيّة جاسوسيّة؟ ضف إلى ذلك، أنّ وضع المؤسسة العسكرية في مواجهة دائمة مع البيئة المسيحية هي من أهداف هذه المنطمة منذ العام ١٩٨٩ وحتى اليوم؛ لا سيّما بعدما أعربت هذه البيئة بالذات عدم ممانعتها بوصول قائد الجيش الى سدّة الرئاسة، إذا حصل التوافق الوطني على ذلك.
المطلوب التروي اليوم، وعدم إطلاق المواقف جزافًا. على أن يتمّ السير بالتحقيق إلى خواتيمه، لتسليم الجناة إلى السلطات القضائية. ورحمة الربّ على أرواح الشهداء الذين سقطوا وتوّجوا باستشهادهم مرّة جديدة قمّة الشهداء. ليبقى ويستمرّ لبنان.
الكاتب: د.ميشال الشماعي