تكثُر تداعيات الانقسام الفلسطين في الدّاخل والخارج على السواء. ولكن الاصبع موجّه بالمباشر إلى حركة حماس وارتباطاتها الاقليميّة بالجمهوريّة الاسلاميّة في إيران، وتسخير الحركة نفسها بمقدّراتها كلّها، إن في قطاع غزّة في الدّاخل الفلسطيني، وإن في المخيّمات الفلسطينيّة في الخارج، وأبرزها مخيّم عين الحلوة في لبنان. وتواجه السلطة الفلسطينيّة هذا المشروع التشرذمي الذي تقوده حماس بالسعي الدّؤوب للمّ الشمل الفلسطيني في الدّاخل، ولتوحيد الكلمة الفلسطينيّة المنبثقة من السلطة ومؤسّساتها في الخارج. لكن حتّى الساعة لا يبدو أنّ هذه المحاولات قد يكتَب لها النّجاح لأنّ الجمهوريّة الاسلاميّة في إيران تعتبر حتّى الساعة أنّ غزّة في صلب مشروعها التوسّعي الثورويّ، وحركة حماس بيدق تفاوض إيران على رأسه الأميركي في مفاوضاتها النوويّة المتعثّرة.محاولات لمّ الشمل.
وفي هذا السياق، يكشف عضو المجلس الوطني الفلسطيني الدكتور عمران الخطيب في حديثٍ لموقعنا بأنّ ” المحاولة الفلسطينيّة لإعادة لمّ الشمل الفلسطيني واستعادة الوحدة الوطنية، والتي ما تزال تراوح مكانها، لم تخرج بالنتائج المرجوة.” ويعيد الخطيب ذلك للعديد من الأسباب وأبرزها ” استمرار حماس في عدم الاهتمام بالخروج من نفق الانقسام، وتراجعها عن انقلابها وسيطرتها على قطاع غزة، رغم خروج آلاف المواطنين الفلسطينيين في مختلف المحافظات الجنوبية في القطاع، وبغضّ النظر عن التحديات التي تواجه القضية الفلسطينية.”
لا يبدو من حديث الخطيب أنّ حركة حماس قد تقدّم أيّ تسهيلات لإعادة لمّ الشمل الفلسطيني، وذلك لارتباطها الإقليمي بالمشروع الإيراني في المنطقة. فمن النّاحية الاستراتيجيّة لا يرى الخطيب أنّ “المشروع الإيراني سيستمرّ في الحياة بالتعاون مع مشروع حماس الأصولي والوصولي؛ وذلك لأنّ الشعب الفلسطيني هو شعب محبّ للحياة ولا يعشق القتل بل هو من عشّاق المقاومة والدّفاع عن الأرض والعرض.” وهنا لالذات يميّز الخطيب الخلاف الجوهري مع مشروع حماس الجهادي الذي ينطلق من منبثقات إيديولوجيّة لا يألفها الشعب الفلسطيني كلّه.
- المخيّمات اللبنانيّة صاعق مُعَدٌّ للتفجير
يبدو من متابعة سير الأحداث في المخيمات الفلسطينيّة أنّ منظمة حزب الله قد حلّت عبر حماس والفصائل المتعاملة معها محلّ السلطة الفلسطينيّة ومؤسّساتها الشرعيّة، وهنا لبّ الصراع الفلسطيني – الفلسطيني في المخيّمات الفلسطينيّة في لبنان. وفي هذا السياق يرى الخطيب أنّ “تفجير الأوضاع في مخيم عين الحلوة في لبنان، يندرج في إطار مساعي حماس وحلفائها من الجماعات الإرهابية التكفيرية في السيطرة على المخيمات الفلسطينية في لبنان.” ويعتقد الخطيب أنّ هذا الحدث “لم يأتِ صدفةً بل تتوّج بعملية اغتيال لأبو أشرف العرموشي ورفاقه. وهو نتيجة قرار إقليمي ومحلي في استخدام هذه الجماعات التكفيرية الإرهابية في تفجير الأوضاع داخل مخيم عين الحلوة بهدف الانتقال إلى المخيمات الفلسطينية الأخرى في لبنان.”
ويعتبر الخطيب أنّ “هؤلاء الارهابيين والمطلوبين، ومَن يقف معهم داخل المخيمات وخارجها من جهات لبنانية معروفه، وجهات إقليمية قد عملوا على إيجاد الذرائع تحت بند زيارة مسؤول أمني من السلطة الفلسطينية يلتقي مع مسؤولين في الدولة اللبنانية.” ووفق معلومات كشفها الخطيب لموقعنا تبيَّن أنّ المسؤول الأمني قد تلقى دعوة من الدولة اللبنانية في إطار إجتماع أمني، وفي كل مرة يتم الحديث عن سلاح المقاومة، وبشكل خاص سلاح منظّمة حزب الله، يوضح الخطيب في هذا السياق بالذات أنّ “الجانب الفلسطيني يعتبر قضية سلاح حزب الله قضية لبنانية بإمتياز، وليس من حقّ أي جهة فلسطينية التدخل في هذا الشأن، في إطار عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، بما فيها لبنان الدولة التي تستضيف اللاجئين الفلسطينيين منذ العام 1948.” كما يعتبر الخطيب أنّ “مسؤولية الأمن في لبنان هي من مسؤولية الدولة اللبنانية حصرًا، ونحن كلاجئين تحت أمن ومسؤولية الدولةفقط لا غير.”وذلك كلّه بحسب الخطيب كي لا تتحوّل المخيّمات صاعقًا معدًّا للتفجير مِن بُعْدٍ بحسب إرادة المصالح الإقليميّة.
- مسؤوليّة السلطة الفلسطينيّة داخل المخيّمات
أمّا بالنسبة إلى حال اللاجئين الفلسطينيين في دول العربية كسوريا والأردن والعراق ومصر فيعتبر الخطيب في حديثه لموقعنا أنهم ” لاجئون ضمن منظومة الدول العربية التي تستضيفهم، وفي هذا السياق فإن منظمة التحرير الفلسطينية تتحمّل مسؤولية الأمن داخل المخيمات.” ويؤكّد الخطيب أنّ “مَن يرتكب جريمة أو يقوم بأعمال تسفر عن القتل والاغتيالات يتمّ اعتقالهم وتقديمهم للأجهزة الأمنية اللبنانيّة صاحبة السيادة، أو أجهزة الدولة المضيفَة.”
لذلك كلّه يكشف الخطيب لموقعنا أنّ “بعض الجماعات والفصائل غير المنضوية في إطار منظمة التحرير الفلسطينيّة تعمل على تفجير الأوضاع داخل المخيمات، ومحاولة سيطرتها على هذه المخيمات من خلال توسيع مربّعاتها الأمنية، وفي هذه الحقبة من الحوار الفلسطيني يأتي تفجير الأوضاع داخل مخيم عين الحلوة.”
وفي هذا السياق بالذات يثير الخطيب مجموعة أسئلة مريبة كالآتي:
– كيف يتم إدخال هذه الكميات الكبيرة من الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والذخائر؟
– كيف يتم إدخال وتحويل الأموال إليهم؟
– لماذا تبنّى أحد الشيوخ في صيدا رواية الجماعات الإرهابية التكفيرية؟
– لماذا قام الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية، إضافة إلى مقاتلي أحد الأحزاب اللبنانيّة باستخدام كافة أنواع الأسلحة في تصفية واجتثاث جماعات مقرّبة من السلطة الفلسطينيّة في صيدا؟
– لماذا تمّ تصفية العشرات تحت بند محاولة السيطرة وتعطيل الطريق بين صيدا وبيروت؟
– لماذا لم يتم الدعوة إلى وقف إطلاق النار وتسليم المطلوبين، ولا سيّما مَن أطلق الرصاص على العرموشي ورفاقه؟
– لماذا لم يتم تصفية هذه الجماعات الإرهابية التكفيرية التي ينطوي تحت عبائتها إرهابيين من جنسيات عربية مختلفة بما في ذلك فلسطينيّين ولبنانيين داخل وخارج المخيم؟ وفي هذا الموضوع بالتحديد يستغرب الخطيب من وجود أحد المشايخ في مدينة صيدا الذي يسخّر نفسه لإصدار فتاوى لهؤلاء الارهابيين القتلة.”
- في المحصّلة
ويؤكّد الخطيب في حديثه لموقعنا أنّ “اللاجئين الفلسطينيين ليسوا ذخائر لأي من الأحزاب بأشكالها المتعددة في لبنان. نحن في وجود موقت لحين العودة إلى فلسطين، ولذلك الرئيس أبو مازن يؤكد على تنفيذ قرارين الأول القرار 181 والذي يؤكد على إقامة دولة فلسطينية وفقا للقرار التقسيم عام 1947 والقرار الثاني 194 والذي يؤّكد على حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم وتعويضهم .
ويرفض الخطيب المتاجرة باللاجئين الفلسطينيين من قِبل بعضهم أيًّا كانت الأسباب. فالشعب الفلسطيني قد حدّد آلية المقاومة من خلال العمل النضالي من داخل فلسطين المحتلة بمختلف الوسائل. ويختم الخطيب شاكراً الشعب اللبناني بمختلف طوائفه ومذاهبه الإسلامية والمسيحية الذي يدعم الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال.
د. ميشال الشمّاعي
المزيد من القصص
باسيل في العشاء السنوي ل “التيار الوطني
النائب نديم الجميّل في معراب
النائب أشرف ريفي