واجه حزب الشعب الأوروبي في الاتحاد الأوروبي أحزاب اليسار التي صوتت على البند ١٣ المتعلق بالنازحين السوريين في لبنان، عكس ما قيل من قبل بعض مسوّقي الدعاية الصفراء. فهذا القرار الصادر بتصويت من كتل أوروبيّة مختلفة الاتجاهات يسمّي ٨ مرّات الثنائي الشيعي، كمسبِّب أساسي لمختلف الأزمات في لبنان. كما يطالب في بنده الأول بنزع سلاح المجموعات المسحلة في لبنان.
ولا يمكن إغفال البنود الـ١٦ الباقية التي أوصت بتشكيل ثلاث لجان في غاية الاهمية:
أ- لجنة أممية لتقديم المساعدات الانسانية في لبنان.
ب- لجنة للدعم الإداري للبنان تساعد الادارة العامة في النهوض والاستمرار.
ج- لجنة تقصي حقائق دولية في جريمة انفجار المرفأ، وتشجيع تقديم الدعاوى على المسؤولين السياسيين أمام المحاكم الأجنبية والدولية.
وما لا يمكن إعفاله أنّ هذا القرار يدخل للمرّة الأولى مبدأ التدقيق في حسن تنفيذ المشاريع العامة في لبنان الممولة من الاتحاد الاوروبي ودوله، لافتًا في ذلك إلى الفساد وسوء الادارة في تنفيذها، وذلك لعدم ثقته بمنظومة الحكم كلها. كما يطالب القرار للمرّة الأولى أيضًا بإدخال تعديلات جذرية في نظام المحكمة العسكرية. ويوصي القرار بتوقيع عقوبات صارمة في نطاق الاتحاد الاوروبي على السياسيين اللبنانيين الذين يعرقلون مسارات الديمقراطية والاصلاح والعدالة.
ولعلّ هذا ما دفع نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم خلال رعايته احتفالاً تربويًّا في مدينة صور إلى انتقاد هذا البند بالذات، معتبرًا أنّ العلّة الأساس في أزمة النّازحين تكمن في الأموال التي يعطونهم إيّاها ليبقوا في لبنان. ويطالب قاسم الأوروبيّين بالتوقّف عن دفع الأموال على أن يقتصر الدّفع “لمن يعود بإرادته، وعندها ستجدون أن الغالبية من النازحين حاضرين للعودة إذا تأمنت لهم معيشتهم هناك”.
ويختم قاسم داعيًا الحكومة اللبنانيّة إلى أن “تخطو خطوة جريئة، وأن تشكّل وفدًا رسميًّا، وتخاطب وتلتقي مع المسؤولين السوريين، وتضع برنامجًا، وقيودًا تحمي هذا المجتمع والبلد، وبالتالي يكون للبنانيين حقوقهم، وللسوريين حقوقهم، ونساعد على الإعادة الآمنة الطوعية التي تكون منسقة مع الدولة السورية”.
وهنا السمّ في العسل الذي ما فتئ دويتّو المنظومة والمنظّمة الاستفادة من هذا الملفّ على حساب مصلحة لبنان الدّولة. حيث يضع قاسم حلّ هذا الموضوع بيد الحكومة التي يمنعها هو وحزبه كحليف لنظام بشّار من إصدار هكذا قرار. ويشترطون لذلك أن تتحوّل هذه الحكومة إلى محاور للنظام الذي هجّر شعبه وقتله. وفيما يتعلق بالبند ١٣ من مقررات البرلمان الأوروبي الذي صدر من ١٧ بنداً يتبيّن لأي مراقب بأنّ هذا القرار أنّه نسخة أوروبية للقرار ١٥٥٩. لذلك دأب الاعلام الأصفر بالإضاءة على ما ورد في هذا البند فقط والتعتيم المقصود عن سائر البنود.
لكن البند 13 هو الذي تمّ الاضاءة عليه؛ ليس لسبب إلا لضرب البنود الـ١٦ الأخرى. على أثر الخلاف بين تيارين أوروبيين في البرلمان هما: اليمين المتطرف الذي تقاطع مع اليسار ضدّ اليمين الوسط، والإضاءة تمّت من قبل النائب الاوروبي ، النائب الفرنسي تيري مارياني والعضو في حزب “التجمع الوطني” اليمني الفرنسي مع وفد مرافق له سوريا والتقى رئيس النظام السوري، بشار الأسد وذلك يوم السبت في ٢١ آب ٢٠٢١ وسبق أن زار ممثلون عن الحزب “الأسد” أيضا في ٢٩ آب في العام ٢٠١٩ حيث التقى الأسد بنائبين في البرلمان الأوروبي هما نيكولاس باي وفيرجيني جورون.
ونشر تيري مارياني تغريدة عقب اللقاء حينها قال فيها إن رئيس النظام السوري أبدى استعداده لتفعيل العلاقات مع فرنسا وبدوره، يستثمر النظام السوري هذا النشاط، ويصفه بأنه “تقارب أوروبي” يمهّد الطريق لتطبيع العلاقات، رغم الموقف الأوروبي الرسمي الرافض لأي تطبيع مع دمشق أو المشاركة بنشاطات إعادة الإعمار في سوريا، قبل حدوث تغيير سياسي يتلاءم مع القرارات الأممية وأبرزها القرار “٢٢٥٤”.
أمّا الحكم في مقررات البرلمان الأوروبي فيجب أن يكون على الشقّ التنفيذي منها. فالبنود الـ١٦ يجري العمل عليها من قبل الدول الاوروبية كلها لتحويلها إلى مشاريع قوانين نافذة. أمّا فيما يتعلّق بالبند ١٣ فالشقّ العملي الوحيد منه أنّه يدعو إلى تشكيل لجنة تضم الاتحاد الاوروبي والامم المتحدة والدولة اللبنانية. وفي هذا الشقّ بالذات، لا يميّز البرلمان الأوروبي بين الأفرقاء السياسيّين الذين يتولّون إدارة الدّول. لذلك، الدولة المقصودة هي التي تكون موجودة.
لذلك، علينا كلبنانيّين مؤمنين بسيادة الدّولة العمل على تغيير وجهات النظر من خلال التوصّل إلى انتخاب رئيس للجمهوريّة يحمل المبدأ السيادي أوّلاً، ويعيد هيبة الدّولة ومؤسّساتها عبر حكومة سياديّة فاعلة عمليًّا، تستطيع أن ترفض المشاركة في أيّ حوار في هذه القضيّة بالذات، حتّى لو كان مع أيّ لجنة أمميّة قبل عودة النّازحين كلّهم. وعمليًّا هكذا قرار يكون بيد الحكومة اللبنانيّة وحدها. وهذا ما لا تجرؤ الحكومة الحالية بالإقدام عليه، لأنّها تدين بوجودها إلى المنظومة القائمة. لا بل الأكثر من ذلك، أعضاء هذه الحكومة بالذات ينفذون أجندة الفريق السياسي الذي ينتمون إليه؛ أي دويتّو المنظومة والمنظّمة الذي يديره مايسترو الضاحية؛ ومن جهة أخرى يدعو مَن من المفترَض أن يحاربه إلى الجلوس معه على طاولة المفاوضات في النّاقورة.
في الخلاصة، ما يجب الانتباه إليه هو أنّ البنود الأخرى التي تتضمن العقوبات وإدراج حزب الله على لوائح الارهاب، إضافة إلى العقوبات على معرقلي الانتخابات، وتشكيل لجنة تقصي حقائق دولية تتمكّن من الولوج إلى قلب ملفّات التحقيق في قضيّة الرابع من آب، وهدفها الكشف عمن يعرقلون القضاء والتحقيقات وتعزيز القضاء اللبناني. فهذه كلها بنود عملية قابلة للتنفيذ الفوري. وهنا بيت القصيد. وهذا ما وجب الإضاءة عليه. أمّا البند ١٣ فيتمّ المتابعة مع البرلمان الأوروبي لتوضيح الصورة وإيجاد الحلول، وذلك وفاقًا لخارطة طريق، كي يتم تنفيذها وإيجاد حل شامل لهذا الموضوع.
المزيد من القصص
باسيل في العشاء السنوي ل “التيار الوطني
النائب نديم الجميّل في معراب
النائب أشرف ريفي